يؤمّن المؤمن لنفسه حياة مختلفة عن بقيّة الناس لاتباعه الأخلاق القرآنيّة




القرآن الكريم هو كتاب الله العزيز الذي يتضمن كافة الحلول المنطقية الكاملة لكل ما يحتاجه الإنسان في حياته

 ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) البقرة 2  

( وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الأنعام 155

( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) ص 29


المؤمن الحق هو الذي ينظم حياته وفقا لمقتضيات القرآن الكريم و يسعى إلى تطبيق الآيات القرآنية في حياته اليومية فكل عمل يقوم به منذ استيقاظه صباحا وحتى ساعة نومه يكون انعكاسا لتأثير الآيات القرآنية فكلامه وحركاته وسكناته كلها مستوحاة من الأخلاق القرآنية تلك الأخلاق العالية التي هي حلية المؤمن طوال حياته وقد جاء في القرآن الكريم

( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ
 حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) الأنعام 161


يعتقد بعض الناس أنّ الدّين مرتبط بأوقات معينة وعبادات معينة والحياة بالنسبة لهم زمنان  زمن للعبادة وزمن للأعمال الأخرى إذ أنّهم لا يتذكرون الله والآخرة إلاّ عند أداء الصلاة والصوم والتصدّق أو الذهاب إلى الحجّ أمّا بقية الأعمال فهي أعمال دنيوية مختلفة لا علاقة لها بالدّين فالحياة الدنيا حسب رأيهم هي تعب و ركض و مشقّة هؤلاء النّاس أبعد ما يكونون عن الأخلاق القرآنية فهم يعيشون حياتهم الخاصّة وفق نظرة تتماشي مع أهوائهم فهم لا يفهمون المعاني الحقيقية للأخلاق القرآنيّة

يؤمّن المؤمن لنفسه حياة مختلفة عن بقيّة الناس لاتباعه الأخلاق القرآنيّة مبدأ ومنهاجا فإيمانه بالقضاء والقدر يبعث فيه الطمأنينة ويحميه من الخوف والقلق و يبعث فيه الأمل  فلا يحسّ أبدا بالتشاؤم وأخلاق القرآن تمنحه القوة لمواجهة مصاعب الحياة و ينعكس ذلك على أقواله وأفعاله وقراراته وكلّ تصرفاته التي هي نتيجة حتمية لاعتماده الأخلاق القرآنيّة منهاجا لحياته

يترجم المؤمن مدلول الأخلاق القرآنية
في حياته اليومية سواء  أكان  يسير في الطريق أوعند الأكل أوعند ذهابه إلى المدرسة أوطلب العلم أوعند العمل  أو ممارسة الرياضة أو مزاولة الأعمال التجارية وحتى عندما يشاهدالتلفاز فإن المؤمن يعي جيدا أنّ العيش ضمن التعاليم القرآنيّة تكليف وتشريف يجب تطبيقها بكلّ دقة سعيا إلى مرضاة الله تعالى في كلّ الأعمال و الحرص على عدم الانحراف عن تلك الأخلاق القرآنية السامية

الدين هو الأخلاق والوصايا والأحكام القابلة للتطبيق في جميع مجالات الحياة وهذا بلا شك هو الطريق القويم الذي إذا ما سار على نهجه الإنسان فاز في الدنيا والآخرة وحقق السعادة  الكبرى

( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
 وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) النحل 97






إنّ العيش ضمن الأخلاق القرآنية يكوّن في الإنسان بإذن الله  ملكة بعد النظر والعقل الراجح فيكون قادرا على التمييز بين الطريق السليم والخطإ وكلّما التزم بالمنهج القرآني اكتسب القدرة على التفكير العميق وتحليل الوقائع تحليلا منطقيا بفضل هذه الصفات تسهل حياة الفرد ويسمو إلى أعلى المراتب لأن الإنسان الذي يؤمن بالله ويحيى بالأخلاق القرآنية تكون جميع تصرّفاته وحركاته قيامه ومشيته ونظرته للأشياء وتقييمه للأمور مختلف تماما عن الناس الآخرين

 وسنتناول بالتحليل في هذا القسم من المدونة الأعمال اليومية والأحداث التي يعيشها المسلم على أساس الالتزام بالأخلاق القرآنية وسنتعرّض بالشّرح للسبل التي يتّبعها المسلمون لحلّ مشاكلهم اليوميّة غايتنا من ذلك تحسّس طريق الحياة السعيدة التي تحققها الأخلاق القرآنية والله في كتابه الكريم يدعو كلّ الناس إلى هذه الحياة السّامية فالطريق الوحيد لحياة خالية من الشك والقلق والخوف والحزن والكدر والعيش في جوّ ملؤه الطّمأنينة والسعادة هو التحرّك ضمن الأخلاق القرآنية في كلّ  ساعة و كلّ لحظة من لحضات الحياة