قصة الرجل الذي أماته الله موتاً كاملاً ثم ردَّ إليه روحه بعد مائة عام و يقاظ أهل الكهف بعد سنين من نومهم وفي ذلك دلالة ظاهرة على قدرة الله على البعث بعد الموت


.
( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) البقرة 259

في الآية أعلاه تخبرنا أن الله أمات الرجل موتاً كاملاً  ثم ردَّ إليه روحه بعد مائة عام وقصة هذا الرجل بدأت حينما مر على قرية قد تهدَّمت دورها وخَوَتْ على عروشها فقال متسائلا  كيف يحيي الله هذه القرية بعد موتها ؟ فأماته الله مائة عام ثم ردَّ إليه روحه وقال له كم قدر الزمان الذي لبثت ميتًا ؟ قال بقيت يومًا أو بعض يوم فأخبره الله بأنه بقي ميتًا مائة عام وأمره أن ينظر إلى طعامه وشرابه وكيف حفظهما الله من التغيُّرهذه المدة الطويلة وأمره أن ينظر إلى حماره كيف أحياه الله بعد أن كان عظامًا متفرقة ؟

وقال له ولنجعلك آية للناس أي دلالة ظاهرة على قدرة الله على البعث بعد الموت وأمره أن ينظر إلى العظام كيف يرفع الله بعضها على بعض ويصل بعضها ببعض ثم يكسوها بعد الالتئام لحمًا ثم يعيد فيها الحياة ؟ فلما اتضح له ذلك عِيانًا اعترف بعظمة الله وأنه على كل شيء قدير وصار آية لنا ولهذا فإن القرآن الكريم يخبرنا عن حقيقة وهي أن الله يحيي الإنسان ويبعثه بأمره بعد موته بمشيئته. إلى جانب ذلك، فإن القرآن يحتوي على أمثلة أخرى تتعلق بالموضوع نفسه
.



يقاظ أهل الكهف بعد سنين من نومهم

ومن الأمثلة المتعلقة بالموضوع قصة أهل الكهف التي أخبرنا الله بها في سورة الكهف تسرد هذه السورة قصة الفتية الذين آووا إلى الكهف هرباً من ظلم الحاكم الظالم وكيف أنهم نُوِّموا سنين طويلة ثم أحيوا من جديد:

 ( إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً ) الكهف 10  

( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً ) الكهف 18-19

السورة لا تفصح لنا عن مدى إقامة الفتية في الكهف وتكتفي بالقول بأنهم ناموا فيها سنين عددا دلالة على أن المدة كانت طويلة كما أن البعض يذهب إلى أن هؤلاء الفتية ناموا 309 أعوام :

( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ) الكـهف 25-26



وبالتأكيد ليس المهم هنا هو مقدار المدة التي أقاموها في الكهف بل يجب التوقف هنا عند نقطة معينة وهي أن الله تعالى يبعد بعض الناس عن الحياة الدنيا عن طريق قبض أرواحهم ثم يبعث فيهم الروح مرة أخرى تماماً كما يرجع الناس إلى الحياة من بعد نومهم وفي ذلك دلالة ظاهرة على قدرة الله على البعث بعد الموت